خطبة : الوعد الحق
المقدمة
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة ومحا الظلمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين صلوات ربي وتسليما ته عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أما بعد
قال تعالى : } ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين ^ وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين ^ إنما يستجيب الذين يسمعون . والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون { صدق الله العظيم .
أحبابي في الله و أخواني في الوطن العزيز :
دعوة الحق منصورة رغم علو صوت الباطل. والمحن والإبتلاءات لاتزيدها إلا قوة وصلابة } حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين { .
أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :
ارتفعت الأصوات وعلت النبرات وظهرت اللافتات تتحدث عن الإسلام حماية له من المرتدين! وانتصاراً له وبعض الجماعات أهدرت دماء بعض الناس وبعض الكتاب سخروا أقلامهم إساءة وتجريحاً وسخرية حتى تساءل الناس أي دين هذا الذي يتحدثون عنه أهو الإسلام دين الرحمة والعدل والمساواة ؟ أم هو دين آخر ؟ فالإسلام يقول : } يـأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم .. { وهم يسخرون ، والإسلام يقول : } ألا لعنة الله على الكاذبين { وهم يكذبون ، والإسلام يقول على لسان الرسول : (( من رمى أخاه بالكفر فقد باء به أحدهما )) وهم يكفرون .. إننا في هذا المناخ المهووس نوضح فهمنا للإسلام حتى يتميز الحق من الباطل عبر هذه المحاور : ـ
المحور الأول : علاقة الإسلام بالأديان الأخرى .
قال تعالى : } إن الدين عند الله الإسلام .. { فالدين واحد أتى به كل الرسل والاختلاف إنما هو اختلاف تشريعات ورسالات .. قال تعالى على لسان نوح } .. إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين { وإبراهيم وإسماعيل عندما رفعا القواعد من البيت قالا } ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك .. { } وقال موسى يقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين { وقوم عيسى قال الله عنهم } وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون { .
فالإسلام هو القاسم المشترك بين كل الرسل .. قال تعالى : } شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه .. { فالحديث عن الأديان الأخرى كأنها فقط تدعوا إلى الفساد والانحراف ولا خير عند اتباعها حديث غير دقيق .. قال تعالى : } ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله أناء الليل وهم يسجدون { وقال r : (( إنما مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون ما أجمل هذا البيت لولا هذه اللبنة فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين )) . صحيح حدث تحريف للمعتقدات وتبديل للأحكام في الأديان السابقة ولكن في إطار التعامل وضع الإسلام لنا منهجاً محدداً .. قال تعالى : } ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم .. { وقال تعالى : } ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن .. { .
انظروا الفرق بين منهج الإسلام الصحيح وبين هذا الهوس الذي يملأ الساحة الآن .
المحور الثاني : بأي شئ تميز الإسلام عن الرسالات السابقة .
تميز الإسلام بالآتي : ـ
أولاً / الختام ـ فرسالة الإسلام رسالة خاتمة جاءت متضمنة لأصول الرسالات السابقة وآخر رسالات الله إلى أهل الأرض .. قال تعالى : } ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين .. { .
ثانياً / العموم ـ جاءت رسالة الإسلام للناس كافة تخاطبهم باختلاف الوانهم وبلدانهم وثقافاتهم
} قل يـأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً .. { .
ثالثاً / صلاحية التطبيق لكل زمان ومكان ـ فمنهج الإسلام يقوم على المرونة التي تراعي أحوال المخاطبين وتستجيب للمستجدات ، وهي مرونة جعلت الإسلام يتمدد وينتشر بالرغم من ضعف المسلمين . وقد رفع الإسلام عن المسلمين المشقة التي كانت مكتوبة على الأمم السابقة .. قال تعالى : } الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون { . أين النور النبوي من هذا الغلو الذي نسمعه هذه الأيام ؟!. وقال r : (( أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي : أحلت لي الغنائم ، ونصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة )) .
المحور الثالث : مقاصد الشرع .
الإسلام كتابه المقدس هو القرآن الكريم والسنة النبوية جاءت مفسرة ومبينة لما أجمل في القرآن وهو كتاب فيه نصوص محكمة ونصوص متشابهة لا يعلمها إلا أهل البصيرة ، وأما المتعجلون فيتبعون المتشابهات ويضلون بها الناس .. قال تعالى : } هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا ألوا الألباب { ولأن النصوص وحدها لا تكفي فقد ربطت بالمقاصد حتى لا يتبع الناس نصوصاً معزولة عن مقاصدها فتؤدي إلى فساد في الفهم والمعتقد .. فالقرآن حمال ذو وجوه كما قال إمام المتقين علي بن أبي طالب .. والمقاصد الشرعية كثيرة منها الضروريات والتحسينات والكماليات ـ والضروريات خمس: اتفقت كل الأديان على صيانتها وحمايتها وهي : حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النسل وحفظ المال وأضاف آخرون وحفظ العرض .
وقد وضع الإسلام أحكاماً تحمي هذه الضروريات وهي كما نلاحظ كلها متعلقة بالإنسان .. فالتشريع كله يدور حول الإنسان حماية له وصوناً لحقوقه فأي تصرف يؤدي إلى إهدار حقوق الإنسان فهو باطل وإن دعم بالنصوص ، وقال علماء الأصول " حرمة الأبدان مقدمة على حرمة الأديان وإليكم الأمثلة :
أولاً / حرم الله الميتة ولكن إذا جاع الإنسان ولم يجد الا الميتة أباح الله له الأكل منها حمـاية لنفسه .. قال تعالى : } فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه .. { .
ثانياً / أمر الله الإنسان بالوضوء وجوباً والغسل إذا كان جنباً عندمـا يريد الصلاة ولكن إذا كان الماء يحدث له مرضاً أو يزيد مرضه أو يؤخر شفاءه فقد أباح الإسلام له أن ينتقل إلى التيمم حماية لنفسه من الهلاك .
ثالثاً / إذا اختنق الإنسان وليس أمامه إلا الخمر أبيح له أن يأخذ منها ما يزيل الاختناق حماية لنفسه ..
هذا هو ديننا دين الرحمة والرأفة ورفع الحرج قال ابن القيم : " إن الشريعة مبناها وأساسها قائم على مصالح العباد في المعاش والمعاد وهو العدل الذي قامت به السماوات والأرض وهي رحمة كلها وعدل كلها وحكمة كلها فكل أمر خرج عن الرحمة إلى ضدها وعن العدل إلى الجور وعن الحكمة إلى العبث فليس من الشريعة وان نسب إليها ـ والشرع منهج متكامل لإقامة المجتمع ولمكافحة الانحراف ويتبع الأولويات الآتية : الإيمان ثم العبادة فالأخلاق فالرأي العام فإزالة الضرر ثم العقوبة كآخر الدواء الكي بالنار .. وأما التشدد والغلو واختزال النصوص فهو نهج إبليس " رأى أحد الصالحين إبليس ذات مرة فقال له أتحفظ شيئاً من القرآن ؟ قال نعم أحفظ قوله تعالى : } يـأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة .. { وقوله تعالى : } فويل للمصلين { فقال له الرجل يا عدو الله لماذا لا تكمل الآية حتى يظهر المعنى ؟، قال إبليس قال تعالى : } فاقرءوا ما تيسر منه .. { وهذا ما تيسر لي !! . وقديماً قال أبو نواس لأحد أصدقائه عندما ألح عليه كثيراً أن يترك الخمر ويتقي الله ويقبل على الصلاة قال له :
دع المساجد للعبـاد تسكنها
وطف بنا حول خمار ليسقينا
ما قال ربك ويل للألى سكروا
وإنمـا قـال ويل للمصلينـا
فأي تصرف يؤدي إلى الشرك أو الظلم أو انتهاك الحقوق فهو باطل وإن دعم بالنصوص .
قال (ص) : (( إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به ، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه )) .
المحور الرابع : التمييز بين الثابت والمتحرك في الإسلام .
الإسلام جاء ديناً ملبياً لكل مطالب الإنسان الفطرية ، وأحكامه متنوعة منها ما يتعلق بالعقائد ومنها ما يتعلق بالعبادات ومنها ما يتعلق بالمعاملات .. فمنهجنا هو التمييز بين الأحكام حتى لا ندخِل الناس في حرج ، فهنالك أحكام ثابتة لا تتغير ولا تتبدل مهما تبدلت الأحوال وهي أحكام العقائد والعبادات والأخلاق ، وهنالك أحكام تدور مع العلل حيث دارت وهي أحكام المعاملات وكان الصحابة يعرفون ذلك وهذا هو السبب في الاختلاف بين أهل الفقه و بين المذاهب لأن هنالك عوامل موضوعية تجعل الاختلاف أمراً حتمياً ولكن أصحاب النزعة التسلطية ومن لا فقه لهم لا يعلمون ذلك ويريدون أن يسوقوا الناس على هواهم .. وأسباب الاختلاف هي : ـ
أولاً / القرآن .. نزل بعدة روايات واختلاف الروايات يؤدي إلى اختلاف الأحكام وأذكر هنا مثلاً واحداً قال تعالى : } يـأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين .. { قرأ حفص " وأرجلكم " بفتح اللام وقرأ أبو عمرو الدوري وآخرون " وأرجلِكم " بكسر اللام هذا الاختلاف أدى لاختلاف الحكم فمن قرأ بفتح اللام عطف الأرجل على الأيدي ولذلك وجب غسل الأرجل في الوضوء ، ومن قرأ بكسر اللام عطف الأرجل على الرؤوس ولذلك يمسحون أرجلهم في الوضوء .
ثانياً / إقرار الرسول r للاجتهاد .. فعندما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له (( كيف تقضي إذا عرض عليك أمر ؟ قال بكتاب الله ، قال فإن لم تجد ؟ قال بسنة رسول الله ، قال فإن لم تجد ؟ قال أجتهد رأي ولا آلو ، فوضع رسول الله يده على صدر معاذ وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله )) وهذا معناه أن اختلاف الاجتهاد وارد بين المسلمين وطبيعي جداً أن يكون اجتهاد الأنصار مختلفاً عن اجتهاد الجماعات الأخرى كاجتهاد أنصار السنة أو الأخوان المسلمين أو الأسماء التي ظهرت حديثا فلماذا التكفير .
ثالثاً / السنة .. تنقسم إلى ثلاثة أقسام كلية : متواترة ومشهورة وآحاد . وتحت كل قسم أقسام فرعية واختلف العلماء حول حجية الأقسام ومنذ عهد الرسول r كان الصحابة يميزون بين السنة التي جاءت وحياً وبين السنة الاجتهادية وإليكم الأدلة : ـ
الدليل الأول : في غزوة بدر أمر رسول الله الصحابة بالنزول فقال له الحباب بن المنذر " أهذا منزل أنز لكه الله لا يجوز لنا أن نتقدمه أو نتأخره أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة . فقال يا رسول الله ليس هذا بمنزل وأشار له بمكان آخر فاستجاب الرسول لرأيه .
الدليل الثاني : عندما غزت قوات التحالف بقيادة قريش المدينة اتفق رسول الله مع قبيلة غطفان أن تخرج من الخلف وتأخذ ثلث ثمار المدينة وأخبر زعيمي الأنصار بذلك فقالا له يا رسول الله أهذا أمر أمرك الله به أم اجتهاد منك أم رأياً رأيته فقال بل رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة فأردت أن أدفع عنكم شرهم قالا له والله لا نملك لهم إلا السيف فاستجاب الرسول لرأيهم ..
والأدلة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها . فالذين لم يميزوا بين أحكام الإسلام الثابتة وأحكامه المتغيرة يقعون في خطإ جسيم فيعطون المتغيرات قدسية الثوابت فيقعون في الحرج .
المحور الخامس : وسائل الدعوة .
الإسلام دين حرم الإكراه والتسلط ولم يتفضل حتى على أفضل خلق الله بأن يفرض رأيه على الناس قال تعالى لرسوله } لست عليهم بمسيطر { وقال له } فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك .. { الآية . فالرسول حقاً كان رحمة مهداه وكان يراعي الرفق دائماً بالناس ويخاطبهم على قدر عقولهم ويميز بينهم في الأساليب ، فالبدوي يختلف عن الحضري والفيلسوف يختلف عن الإنسان العادي وبهذا انتشر الدين سهلاً وإليكم الأدلة : ـ
أولاً / جاء أحد الأعراب ووجد رسول الله جالساً مع أصحابه في المسجد فجلس يستمع إليه ثم انتحى ناحية من نواحي المسجد وجلس ليبول في مسجد رسول الله فقام الصحابة إليه وزجروه فقال لهم رسول الله على رسلكم دعوا الرجل فلما فرغ من بوله قال لهم رسول الله صبوا عليه ذنوباً من ماء فإنه سيطهر ، ثم أتى إليه ووضع يده على كتفه وقال يـا أخي هذا لا يصح في مثل هذا المكان هذا المكان للعبادة والذكر وتلاوة القرآن وما فعلته أنت مكانه القاذورات عندنا في المدينة فارتاح البدوي من أسلوب الرسول وقال اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد سوانا!! فقال له الرسول لقد حجرت واسعاً يا أخا العرب .
ثانياً / جاء يهودي إلى رسول الله فأخذه من مجامع ثوبه وقال يا محمداً أد الدين الذي عليك إنكم بنو هاشم تماطلون في أداء الديون ـ فاستفز المشهد عمر بن الخطاب وأخذ سيفه وقال يا رسول الله ائذن لي بضرب عنقه فقال له الرسول لا يا عمر ما لهذا دعونا ك لقد كنت أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك تأمره بحسن الطلب وتأمرني بحسن الأداء . فقال اليهودي والله يا محمد ما جئت لأطلب الدين لاني أعرف أن موعد لم يحل بعد ولكني قرأت أوصافك في التوراة فوجدتها منطبقة فيك كلها إلا صفة واحدة لم أجربها معك وهي انك حليم تعفوا عند الغضب والآن قد جربتها فيك فأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .
الحديث
قال r : (( إن المنبت لا أرض قطع ولا ظهراً أبقى )) أو كما قال ..
يغفر الله لي ولكم وللمسلمين أجمعين ،،
( الخطبة الثانية )
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم .
وبعد /
قال تعالى : } ن والقلم وما يسطرون ^ ما أنت بنعمة ربك بمجنون ^ وان لك لأجراً غير ممنون ^ وانك لعلى خلق عظيم ^ فستبصر ويبصرون ^ بأيكم المفتون { .
أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :
خفت نبرة المتطرفين في هذا الأسبوع لأن نفسهم قصير .. قال تعالى : } فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .. { وهنالك فئتين نرد عليها بالآتي /
ـ الفئة الأولى : فئة تكفيرية .. كفرت الناس وأهدرت دم البعض وهي امتداد لفكر الخوارج نحن نحذ رمن هذا النهج وندعوا الجهات المختصة أن تتحمل مسؤليتها في حماية المواطنين حتى تمنع الفتنة التي لو فتحت سوف يعلم الله وحده ما هي نتائجها .. قال تعالى : } واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة فالسودان بلد متسامح ومتفرد ، علينا أن نحافظ عليه بخصوصياته هذه .
ـ الفئة الثانية : فئة سلطت أقلامها سباً وإساءة وتجريحاً لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ويعتقدون أنهم بالتعرض للعظماء سوف يبيعون صحفهم البائرة خسئوا وكسدت تجارتهم ونقول لهؤلاء ما قاله المعري :
إذا وصف الطائي بالبخل مادر
وعير قساً بالفهاهة باقل
وقال السهى يا شمس أنت ضئيلة
وقال الدجى يا صبح لونك حائل
وطاولت الأرض السماء سفاهة
وفاخرت الشهب الحصا والجنادل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة
ويا نفس جدي إن دهرك هازل
ونقول للأحباب لا تحزنوا فقد أوذي رسول الله ووصف بالجنون والسحر فدافع عنه ربه } إن الله يدافع عن الذين آمنوا .. { . وإمام المتقين كان يلعن من على منابر المساجد في عهد بني أمية ثلاثة وثمانين عاماً وقتل ابنه الحسن بالسم وقتل الحسين في كر بلاء ومثل به وأخذت بنات رسول الله سبايا فحزن أحبابه ورآه أحدهم في المنام فقال له كيف يفعل بكم بنو أمية هذه الأفاعيل وأنتم الذين انتصر الإسلام بجهادكم فقال له اذهب ستجد الإجابة عند ابن الصيفي ـ فقال ابن الصيفي قارنت بين حال آل البيت وحال بني أمية في هذه الأبيات حيث قلت :
حكمنا فكان العفو منا سجية
فلما حكمتم سال بالدم ابطح
وحللتموا قتل الأسارى وطالما
غدونا على الأسرى فنعفو أو نصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا
وكل إناء بالذي فيه ينضح
إن بلادنا تواجه خطر التمزق وديننا يواجه تحدياً حضارياً هل نستطيع أن نحقق الالتزام الإسلامي مع مراعاة حقوق الأديان الأخرى ؟ وهل يمكننا أن نحقق الديمقراطية في ظل الإسلام ؟ ونحقق الوحدة في ظل التنوع . إننا نعتقد أننا بالنهج المستنير نستطيع أن نحقق كل ذلك ولكن بنهج الانكفاء سوف تتغلب الحماسة على العقل وستكون النتائج مناقضة لما يطلبه المتحمسون بدون خطة . إن نهج الإنكفائيين سوف يهيئ المجتمع لتقبل الحلول الخارجية وسوف تعود عقارب الساعة للوراء لتبدأ من جديد وإذا حدث ذلك سيكون المتحمسون قد ارتكبوا جرماً في حق الإسلام وعطلوا مسيرة الدعوة } قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً ^ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً { .
أحبابي في الله واخواني في الوطن العزيز :
تنعى هيئة شئون الأنصارالانصارى أحمد عبد الرحمن أحمد عديل والأنصارية فاطمة أحمد درع زوجة المرحوم الأنصاري الفكي أبكر موسى إمام وتنعى عمة الأنصاري الطيب شرف الدين ..
لهم الرحمة ولآلهم الصبر وحسن العزاء ..
كما نسأل الله اللطف بالحبيب الأمير نقد الله ... اللهم يا من تحل بذكره عقد النوائب والشدائد, يا من إليه المشتكي واليه أمر الخلق عائد, يا حي يا قيوم يا صمد, يا من تنزه عن المضادد, أنت العليم بما بلينا به وأنت عليه شاهد أنت الرقيب على العباد وأنت في الملكوت واحد أنت المنزه يا بديع الخلق عن ولد ووالد انا دعوناك والهموم جيوشها لقلوبنا تطارد ففرج عنا بفضلك يا من له حسن العوائد فخفي لطفك يستعان به على الزمن المعاند. أنت الميسر والمسبب والمسهل والمساعد؟ يسر لنا فرجاً قريباً يا إلهي لا تباعد وكن ناصرنا فلقد يئسنا من الأقارب والأباعد .. ثم الصلاة على النبي وآله الغر الاماجد والصحابة كلهم ما خر للرحمن ساجد .. ولا حول ولا قوة إلا بك ..
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،